اهوال غزة والصحوة الغربية

اهوال غزة والصحوة الغربية

يبدو ان الأهوال التي لحقت باهل غزة جراء الرد العنيف لجيش الاحتلال على طوفان الاقصى اثرت بشك ملفت على الرأي العام العالمي، والملفت الأكبر ان الأصوات اليهودية ان بقلب الكيان الغاصب او في عواصم العالم الغربي، جميعها تطالب بوقف النار، والبحث عن حل لاحتلال دام أكثر من سبعين عاماً. 
فما الذي دعا أصوات يهودية كانت للامس القريب داعمة للاحتلال وغير مكترثة لما عاناه الشعب الفلسطيني والشعوب المجاورة ان في سورية او في لبنان لاتخاذ مثل هكذا مواقف شاجبة ومستنكرة للعدوان على غزة؟
 باعتقادنا مرد ذلك يعود للصحوة المفاجئة للشعوب الغربية التي لم تكتف بالسخط والشجب والاستنكار بل ملأت شوارع عواصمها ومدنها لا تطالب فقط بوقف الحرب، بل ايضاً بملاحقة حكومة العدو جنائياً نظراً للاستعمال المفرط للقوة برده على عملية الطوفان.
هذه الصحوة يمكن القول انها لعبت دور جرس الإنذار للوجود اليهودي في العالم سيما المثقفين واهل الدراية منهم .وعاد ملف اليهود ليفتح من جديد وتعالت أصوات عدة لمراجعة السردية التي قامت اثر الحرب العالمية الثانية حول مسألة الهولوكوست وافران الغاز ، ففي الولايات المتحدة مثلاً بدأت النخب تراجع مجريات الانعطاف للإدارات الأمريكية وتحولها لبوق رسمي يحلل ويشرعن كل افعال دولة الاغتصاب، وقام البعض بنشر لائحة بأسماء الأشخاص المؤثرين ان داخل الادارة او وسائل الاعلام او كبرى الشركات الذين هم من أصول يهودية، ولم تسلم جماعات الضغط اليهودية حيث اعتبرت انها المفسد الأكبر داخل الكابيتول والإدارات بفرعيها الديمقراطي والجمهوري .
يعتقد بعض اهل الدراية من اليهود ان ما جرى من صحوة وعدم امتثال ( اسرائيل) لأصوات الساخطين لوقف أعمالها البربرية، سوف تكون له تداعياته على المجتمعات اليهودية في الغرب ، وقد بدا ذلك واضحا لهم من خلال متابعتهم لمواقع التواصل الاجتماعي، فسارعوا لتحميل الصهيونية المسؤولية، حتى ان البعض ربط ما جرى بألمانيا النازية ايضاً بالمشروع الصهيوني وأعتبر من قضى من اليهود أنذاك انما الرافضين لذلك المشروع حيث كانوا يعيشون بألمانيا كما لو كانوا ألمان يتمتعون بحقوقهم كاملة وقارنوا بين عهدهم الذهبي في الأندلس المتماثل مع هم عليه في ألمانيا. كما حذر البعض من اعادة ربط ذلك باللاسامية لأنها اصبحت لغة قديمة ومكشوفة، واحد مؤرخيهم المدعو ايلان بابيه دعى إلى البحث عن نموذج جديد كالذي كان قائماً ابان السلطنة او سواه إذا أراد اليهود البقاء في المنطقة. 
وإذا عطفنا كل ماورد على المحاولات التي جرت بعيد ما سمي بالربيع العربي لتسليم المنطقة للإخوان المسلمين وانخراط معظم قطاعات الإسلام السياسي بذلك المشروع الذي حاول تسليمنا مجددا لسلطان جديد في انقرة لقاء ضمان وصول الغاز لأوروبا وتعويم الدولار بجعله مجددا الوسيلة الوحيدة لتسعيرة كما كان حاله مع النفط، ومع غيبوبة أنظمة المنطقة عن الحسم او اجتراح الحلول، ولقطع الطريق مجدداً عن الحلول الدينية والطائفية، ولملاقاة الرأي العام العالمي الذي استجد وعدم الرهان على متغير دولي شرقي او غربي لضمان حقوقنا. لذا فإننا كأصحاب حق معنيون بالبحث عن حلول خارج الصندوق ، سيما وان لعبة الحروب هي ما يجيدها المستعمر وتزود مكنته بالأوكسجين اللازم فله باع طويل بذلك منذ اكتشاف العالم الجديد .